التاريخ الاجتماعي من خلال كتاب منهاج العدل للشيخ عمر بن سعيد بن عبدالله امْعَدّ البَهلوي (ت: ١٠٠٩هـ)

أحمد بن هلال بن ناصر العبري

 

كتب التراث، والمدوّنات الفقهية على الأخص، مصدرٌ خصب لدراسة الاجتماع البشري في أزمنة لم يهتم المدوّنون فيها بتوثيق مُفرد ومقصود لأنماط الثقافة والتفكير وأشكال العمران وطرق العيش، وإنما تداخلت في سياق الطرح الفقهي، وهو جانبٌ قلّما يلتفت له الدارسون ويغيب عن نظر القراء، إضافة إلى أن همّة تحقيق التراث قد ضعفت بغياب هذا الجانب عن المهتمين والمشتغلين به. إن البُعد الزمني للمعرفة الفقهية لا يمكنه أن يحول دون الاهتمام بهذه المدوّنات لاستكشاف سيرورة الاجتماع البشري وإعادة رسم خارطته.

بين يدينا كتابٌ مخطوطٌ يمكن أن يُقدَّم نموذجًا لدراسة التاريخ الاجتماعي العُماني في القرون الثامن والتاسع والعاشر الهجرية؛ إذ يتميز الكتاب باحتوائه على كم كبير من مفردات الاجتماع والعمران في تلك القرون، وخصوصاً في الحيز الجغرافي الممتد من بَهلا ونزوى اللتان تمركزت فيهما دولة بني نبهان، إلى رقعة واسعة من البُلدان والقُرى المجاورة لهما، كما وثّق الكتاب أحداثاً تاريخية كثيرة قد لا يوجد لها مصدر غيره.

المطلع على كتاب منهاج العدل بإمكانه الوقوف على المدن والقرى بمسمياتها القائمة والمندثرة، وبعمرانها الذي لا يزال شيءٌ من آثاره قائماً، كما يمكنه الوقوف على أنماط التفكير والثقافة السائدة في تلك القرون، إضافة إلى طرق العيش والحياة الاقتصادية بمفرداتهما المتعددة؛ كأنواع المزروعات وطرق البيع وتداول السلع، وأنواع العملات المستخدمة… إلخ، حتى المتتبع للمصطلح وتطوره وتعبيره عن نمط الثقافة والعيش سوف يجد بغيته في هذه الموسوعة.

 

وصف الكتاب:

منهاج العدل من المدونات الموسوعية، جَمَع فيه المعدّي مسائل شملت معظم أبواب الفقه وشيئاً من أصول الدين واللغة العربية والتفسير، وهو يتكون من أربع قطع كبيرة، ونسخه كثيرة أغلبها محفوظ بدار المخطوطات بوزارة التراث والثقافة بسلطنة عُمان، وعدد منها بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي بالسيب، ونُسخٌ أخرى متفرقة في الخزائن والمجموعات الخاصة، غير أن كثيراً من هذه النسخ غير مكتملة بسقط أو غيره من المؤثرات.

وفقاً للمؤلف في مقدمته للكتاب، فقد ابتدأ بتأليفه في ليلة السبت التاسع عشر من ذي القعدة سنة 957هـ.

والكتاب عبارة عن مسائل لعلماء القرنين التاسع والعاشر الهجريين، ومُجمل تلك المسائل لعلماء العائلتين العلميتين المعروفتين آنذاك وهما عائلة آل مفرّج في بَهلا، وعائلة آل مدّاد في نزوى، وقد تصدّرت مسائل الشيخ أحمد بن مفرج أغلب أبواب الكتاب، وهو مما تميز به، تتلوه في الغالب مسائل الشيخ محمد بن عبدالله بن مداد.

تقع القطعة الأولى من الكتاب في (450) صفحة في المتوسط، وتشمل سبعة وثلاثين باباً، تبتدئ بباب الحث على طلب العلم وفي الفتيا والآثار والعمل بها، يتلوه باب التوحيد وما يجوز من الدعاء وما لا يجوز، وتنتهي الأبواب بباب الدماء وأحكامها، وبعض النسخ تجعل هذا الباب أول أبواب القطعة الثانية.

أما القطعة الثانية فتقع كذلك في (450) صفحة في المتوسط، وتبتدئ أبوابها بباب القضاء وأحكامه، وهكذا تتوالى الأبواب المتعلقة بالقضاء والفصل في المنازعات، لتنتهي بباب في تعذيق البيادير وقسم الثمرة في رؤوس النخيل وفي الطناء، بما مجمله سبعة وعشرون باباً.

والقطعة الثالثة، وهي أكبر القطع، تقع في (650) صفحة في المتوسط، ويغلب على أبوابها المعاملات والتصرفات المالية، حيث تبتدئ بباب البيوع وألفاظها وما يحل منها وما يحرم، وتنتهي بالباب الثاني والعشرين في المواريث.

أما القطعة الرابعة والأخيرة من الكتاب فتقع في (250) صفحة في المتوسط، وتبتدئ أبوابها البالغة واحداً وعشرين باباً بباب في اليتامى ومخالطتهم والقيام بهم، وتنتهي بباب النفاس والحيض والوطء فيهما.

 

التعريف بالمؤلف:

هو عمر بن سعيد بن عبدالله بن سعيد بن عمر بن أحمد بن أبي علي بن معد بن عمر بن أحمد بن معد بن أحمد بن زياد بن موسى البهلوي، وترد نسبته إلى المَعَدّ، وقد عاش في القرن العاشر الهجري، وتوفي في 23 جمادى الأولى 1009هـ[i].

عاصر الشيخ عمر بن سعيد الإمام محمد بن إسماعيل وابنه بركات والإمام عمر بن القاسم الفضيلي والإمام عبدالله بن محمد القرن، كما عاصر عدداً كبيراً من العلماء، وبالأخص علماء آل مفرّج والشقصيين من أبناء زياد، وأخذ كذلك عن الشيخ أحمد بن مداد بن عبدالله حسبما يظهر من بعض مسائل المنهاج.

وللشيخ عمر إضافات مهمة في مكتبة بني معد المشهورة، والتي كانت بحارة العقر من ولاية بَهلا، حيث توجد كتب كثيرة إما منسوخة بيده أو منسوخة له أو موقوفة عن طريقه للمكتبة، من ذلك الأجزاء (4، 6، 14، 15) من كتاب الضياء والموجودة بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، وكذلك عدد من أجزاء كتاب بيان الشرع وكتاب المصنف، وقد بقيت هذه المكتبة إلى القرن الرابع عشر الهجري في يد ذرية الشيخ إلى أن ذهبت بعد ذلك وتفرقت كتبها ولم يبق منها سوى ما ضمته بعض المكتبات وربما في أيدي الناس شيء من كتبها.

ويظهر أن الشيخ المعدي ينحدر من عائلة علمية عريقة، فنجده في إحدى نسخ كتاب المصنف يصف جد جده عمر بن أحمد بن أبي علي بن معد بالشيخ الولي الزاهد[ii].

 

 

 

اسم الكتاب ونسبته إلى المؤلف:

اتفقت النسخ المختلفة للمخطوط على تسمية الكتاب بـ(منهاج العدل)، والشيخ عمر صرّح في مقدمة الكتاب بهذه التسمية، حيث جاء فيها: (وسمّيناه كتاب منهاج العدل، جامعاً للحفظ والنقل)، كما جاء في مقدمة الشيخ عبدالله بن مبارك بن عمر الربخي البهلوي للكتاب قوله: (وسمّاه منهاج العدل)، وقد اشتهر الكتاب به لاحقاً ولم يُعرف بغير هذه التسمية[iii].

أما عن نسبة الكتاب إلى الشيخ عمر بن سعيد، فالنسخ تصرّح بهذه النسبة، إضافة إلى ما جاء في مقدمة الشيخ الربخي المشار إليها حيث جاء فيها: (تأليف شيخنا وعالمنا الأجل الفاضل والثقة العدل العادل العالم العلامة السعيد أبي حفص عمر بن سعيد بن عبدالله بن المعد البهلوي)[iv]، وجاء في نهاية القطعة الأولى من نسخة دار المخطوطات  ذات الرقم (1239) ما نصه: (تم السفر الأول من كتاب منهاج العدل تأليف الشيخ العالم العلم قاضي قضاة مصر عُمان عمر بن سعيد بن عبدالله)، وجاء في مطلع القطعة الثانية من المنهاج ذات الرقم (1240) بدار المخطوطات: (القطعة الثانية من كتاب منهاج العدل […] تأليف الشيخ الفقيه العالم النبيه عمر بن سعيد بن عبدالله امعد البهلوي العماني).

وترد للشيخ عمر في الكتاب بعض المسائل يجيب فيها الشيخ صالح بن محمد بن صالح بن عبدالسلام والشيخ محمد بن سعيد النخلي، ولا يبعد أن تكون مضافة من الشيخ صالح نفسه؛ إذ ترد بصيغة: (من جواب الشيخ الفقيه عمر بن سعيد بن عبدالله امعد حفظه الله إلى الفقير لله صالح بن محمد بن صالح بن عبدالسلام النزوي…)، كما ترد للشيخ عمر تعليقات على بعض المسائل في الكتاب يصدّرها بعبارة “قال المؤلف”.

 

علماء المنهاج:

سبقت الإشارة إلى أن المنهاج قد ضم في أغلبه آراء علماء آل مفرّج وآل مدّاد، وبين علماء العائلتين اتصال وثيق، كما اختار المؤلف عدداً من مسائل الإمامين الرستميين؛ عبدالوهاب بن عبدالرحمن وابنه أفلح، حيث يتكرر ورود مسائل لهما نهاية الأبواب، وممن وردت مسائلهم في المنهاج:

  • الشيخ أحمد بن مفرّج (ق 9 هـ): وهو أول من يُذكر من علماء آل مفرّج وإليه ينتسبون، وتتصدّر مسائله أبواب الكتاب، وهي تشكل نسبة كبيرة منه، وقلّما نجد باباً يخلو من مسائل له، كما أن المؤلف يميز مسائله عند البداية والنهاية، فيعقب ذكر عنوان الباب بسرد مسائله تباعاً بعد عبارة «ومن جواب الشيخ أحمد بن مفرج رحمه الله»، وتنتهي بعبارة «انقضى جواب الشيخ أحمد بن مفرج رحمه الله»، ولا يرد ذلك مع باقي علماء المنهاج سوى في مواضع قليلة للشيخ محمد بن عبدالله بن مداد. وكان الشيخ أحمد معاصراً للسلطان سليمان بن المظفر بن سليمان بن المظفر بن نبهان، وكذلك السيد كهلان بن عمر بن نبهان، كما سيأتي لاحقاً.
  • الشيخ محمد بن عبدالله بن مدّاد الناعبي (ت: 917هـ): وهو ابن الشيخ عبدالله بن مداد، غير أن مسائله تتقدم على مسائل أبيه في الكتاب، والشيخ محمد بن عبدالله من كبار علماء آل مداد وله عدد من المؤلفات، وكان ممن صححوا حكم الإمام عمر بن الخطاب في تغريق أموال بني نبهان.
  • الشيخ ورد بن أحمد بن مفرّج (ت: 874هـ): وهو ابن الشيخ أحمد بن مفرّج وتلميذه، ويُنسب إليه تأليف كتاب (جواهر المآثر) كما يُنسب أيضاً لوالده، ولم يرد ذكر هذا الكتاب إلا مرة واحدة في القطعة الثانية من المنهاج.
  • الشيخ صالح بن وضاح المنحي (ت: 875هـ): وهو من مشاهير علماء القرن التاسع الهجري، تتلمذ على يدي الشيخ أحمد بن مفرّج، وله كتاب (التبصرة) في جزأين، ومن تلاميذه الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي، والشيخ صالح كان من بين العلماء الذين اجتمعوا في نزوى وأفتوا بعدم جواز إقامة صلاة الجمعة بنزوى حينما استفتاهم السلطان سليمان بن مظفر.
  • الشيخ عبدالله بن مدّاد الناعبي (ق 9 هـ): وهو والد الشيخ محمد بن عبدالله، وله عدد من المسائل في المنهاج، وله سيرة تاريخية مشهورة، وكان من الذين صححوا حكم الإمام عمر بن الخطاب في تغريق أموال بني نبهان.
  • الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي (ق 9 هـ): وهو الشاعر والعالم المعروف من أهل عقر نزوى، تتلمذ على يد الشيخ صالح بن وضاح والشيخ ورد بن أحمد، وترد له مسائل في المنهاج كما ترد له تعقيبات على أجوبة شيخه يظهر منها سعة اطلاعه ومعرفته. له من المؤلفات كتابا الأصول والمراقي وأرجوزة في الفقه بالإضافة إلى عدد من الأشعار والمنظومات الطوال.
  • الشيخ عبدالله بن محمد القرن (ق 10هـ): وهو فقيه وإمام من عائلة القرون، وهم بطن من بني هناءة بن مالك، يظهر أنه من معاصري المؤلف، وترد مسائله في الأغلب نهاية الأبواب.
  • الشيخ أحمد بن مدّاد بن عبدالله الناعبي (ق 10هـ): وهو حفيد الشيخ عبدالله بن مداد وابن أخ الشيخ محمد بن عبدالله بن مداد، ووالده أيضاً فقيه ترد له بعض المسائل في المنهاج، والشيخ أحمد ممن عاصرهم مؤلف المنهاج كما يظهر من بعض المسائل، واشتهر عنه براءته من الإمام محمد بن إسماعيل وابنه بركات.

وفي المنهاج عدد كبير من العلماء لا تكفي هذه الأسطر لسردهم، نعدد منهم أيضاً الشيخ القاضي سعيد بن زياد بن أحمد والشيخ مداد بن عبدالله بن مداد والإمام محمد بن سليمان بن أحمد بن مفرج والشيخ شائق بن عمر الإزكوي.

 

منهاج العدل والتاريخ الاجتماعي[v]:

من يقرأ (منهاج العدل) يغوص في بحر من الأحداث، وترتسم في ذهنه صورٌ من ذلك الماضي بمكوناته المختلفة، فيمشي بين المزارع على جدول الفلج يرى «البيدار» مشتغلاً بالسقي أو العناية بالنخلة، وينزل السوق بعرصاته ودكاكينه القديمة وتبريزات الباعة، ويدخل المسجد المضاء بالفتيل، ويجلس عند فصل الخصومات أمام القاضي، ويسكن البيتَ الطيني بغرفه ودهاليزه، هذا فضلاً عن المعرفة الفقهية المتحصلة من قراءة مسائله. وفيما يلي جوانب من الاجتماع البشري الذي تضمّنه الكتاب:

  1. الوضع الاجتماعي:

اتسمت فترة علماء كتاب منهاج العدل بحكم النباهنة، والذي اتخذ طابع الجبر والتسلط في أغلب حكوماته المتعاقبة، الأمر الذي أثّر على الطرح الفقهي ونوعية المسائل في المنهاج، فكثيراً ما ترد مسائل الغصب والإفساد والتعدّي من حكّام الجور، في إشارة إلى الوضع السياسي والاجتماعي الذي كان سائداً آنذاك.

وفي ظل ذلك لم يكن علماء المنهاج ليمتنعوا عن قول ما يرونه حقًّا في فتياهم وأقضيتهم كما تجلّى في مسألة إقامة صلاة الجمعة، وكانوا يتولون القضاء ويرجع إليهم بعض ملوك بني نبهان وساداتهم في الفتيا، ومن ذلك ما جاء في القطعة الثانية: «فشكى أهل فلج الخوبي إلى السيد كهلان بن عمر بن نبهان، وكان يومئذ سيد عمان، فرفعهم إلى الفقيه أبي الحسن بن أحمد بن أبي الحسن بن سعيد بن صالح وأبي محمد بن أحمد بن عمر فحكم بإزالة المدر بموجب الشرع» (٣٠٥).

وفي القطعة الثالثة نجد المسألة الموجهة إلى الشيخ أحمد بن مفرج من السيد كهلان بن نبهان عن وصية والده، حيث جعله والده وصياً في إنفاذ وصاياه (٥٦٢).

وكذلك المسألة الموجهة من السيد المظفر بن سليمان إلى الشيخ أحمد بن مفرج، نجد نصها في القطعة الثانية على النحو الآتي: «سألني السيد المعظم أبو المنصور المظفر بن سليمان دام عزه عن الشفيع يرسل رجلا من قبله ولم يطلب هو لنفسه أرسوله يقوم مقامه أم لا؟» (٢٨٢) مع ملاحظة عبارات التبجيل التي أضفاها على السيد المظفر. وللأخير مسألة أخرى في القطعة الرابعة يسأل فيها ابن مفرج عما قضي من ماله في حال يتمه بلا وصي ولا وكيل من جماعة المسلمين (١٧).

ومما جاء في القطعة الأولى عن الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي أنه «كان في أذني السيد المرحوم السلطان أبي المنصور المظفر بن سليمان بن المظفر بن سليمان بن المظفر بن نبهان حلقتا ذهب وفي يده نطلة ذهب وكان رحمه الله متورعاً فسأل بعض المسلمين فأجاز له بهما الصلاة وفي أكثر ظني أنه قال لي إنه سأل الشيخ ورد بن أحمد ومات والحلقتا الذهب والنطلة فيه وكان ثقة في دينه متورعاً محافظاً على ما يأمر به المسلمون» (١٥٥).

وما جاء أيضاً في القطعة الأولى في مسألة إقامة صلاة الجمعة زمن حكم بني نبهان، حينما سأل سليمان بن المظفر الشيخ أحمد بن مفرج عن إقامتها فأجازها، ثم إن المشايخ أحمد بن مفرج وصالح بن الوضاح وصالح بن محمد وورد بن أحمد بن مفرج وغيرهم اجتمعوا في نزوى وأنكروا ذلك واجتمعت كلمتهم أنها لا تجوز (٢٣٠).

وكذلك سؤال السلطان المظفر بن سليمان بن المظفر الشيخ صالح بن وضاح عن ماء اشتراه والد السلطان من محمد بن علي (القطعة الثانية) (١٣٣).

وقد كثرت في المنهاج مسائل الوقف والوصية، مما يدل على كثرة اهتمام الناس آنذاك بهذا الجانب من أبواب البر، حيث وردت مسائل الأوقاف والوصايا في أكثر من (80) صفحة من القطعة الثالثة من الكتاب، وذلك تحت باب (في الوصايا والوقوف وما أشبه ذلك وأحكام الوصي وما يجوز له وما لا يجوز له)، هذا غير المسائل المتفرقة في الأبواب الأخرى من الكتاب.

 

  1. الجانب العلمي:

ليس من شك في أن بَهلا ونزوى كانتا حاضرتي العلم والعلماء قروناً طويلة، وممن تعاقب عليهما علماء المنهاج الذين عاشوا في القرنين التاسع والعاشر الهجريين، وقد تميزت هذه الفترة بكثرة العلماء فيها، وخصوصاً من عائلتي آل مفرّج وآل مدّاد، وكان لهؤلاء العلماء دورٌ بارز في تعليم الناس أمور دينهم وتوضيح ما يشكل عليهم في شؤون حياتهم المختلفة، والمنهاج من أوله إلى آخره عبارة عن مسائل من واقع حياة الناس، وكان طلاب العلم يفدون إليهم للتعلم وأخذ الفتيا، إلى جانب التواصل المستمر للعلماء مع بعضهم سواء باللقاء أو المراسلة.

من ذلك ما جاء في القطعة الأولى عن الشيخ صالح بن وضاح قوله: «كنا نقرأ في بهلا عند الشيخ أحمد بن مفرج رحمه الله في مسجد حارة الحداد» (٤١١)، ولا زال المسجد المذكور قائماً إلى يومنا هذا بعدما أعيد بناؤه. ويرد في المنهاج أن الشيخ أحمد بن مفرج كان يتبرع بالدهن الذي يشعل به السراج في المسجد لمن أراد قراءة المصحف ليلة الحج، حيث ورد في القطعة الأولى عن الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي: «وكذلك يجوز عنده [أي الشيخ أحمد بن مفرج] السراج بدهن المسجد لمن يقرأ الختمة ليلة الحج، وسألت أنا عن ذلك الشيخ صالح عن الشيخ أحمد فقال: ذلك حَلٌّ من عند أحمد من ماله لم يكن للمسجد يومئذ به حل وهو محدث وإنما بناه أحمد» (٤١١) وقصد بالمسجد هنا مسجد حارة الحداد المشار إليه.

والقارئ للكتاب يلحظ كثرة المراسلات بين علماء المنهاج وإن كان كثير منها لا يصرّح فيها باسم السائل، غير أن طبيعة السؤال والتبجيل الذي يقدمه المجيب للسائل يشير إلى كون السائل واحداً من الفقهاء.

في المنهاج كذلك يتكرر تثبيت العلماء لموافقتهم على فتاوى غيرهم من العلماء بعبارات مثل: «صحيح وثابت لدي ما أفتى به الشيخ فلان» أو «صحيح ذلك وثابت. كتبه أفقر العبيد فلان بن فلان»، أو «ما صح عند الشيخ فهو صحيح»، وفي بعض الأحيان يُصحح المسألة أكثر من خمسة علماء.

يظهر لقارئ منهاج العدل أيضاً عبارات التواضع التي يُبديها علماؤه في أجوبتهم، وكذلك تحرزهم عند الفتوى، حيث تكثر في أجوبتهم عبارات مثل: «وأنا أطلب فيه الأثر ولا تعمل إلا بما وافق الحق والصواب»، و«ليزدد المخدوم من سؤال المسلمين ولا يأخذ من قولي إلا بما وافق الحق والصواب»، كما أنهم يؤكدون باستمرار على أن «من أخذ برأي من آراء المسلمين فهو سالم»، وأن «كل آراء المسلمين صواب». يُلاحظ كذلك أن التزامهم مقام الاحترام والتقدير لشيوخهم وأساتذتهم لم يكن يمنعهم من إبداء آرائهم التي قد تذهب بخلاف رأي الأستاذ، وهذا ما يتجلى كثيراً في تعقيبات الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي على أجوبة شيخه صالح بن وضاح.

ونجد علماء المنهاج يعتمدون كثيراً على (جامع ابن جعفر) و(الضياء) و(المصنف) و(بيان الشرع)، ويجعلونها مرجعاً لهم في الفتوى، حيث ورد ذكر (بيان الشرع) أكثر من (100) مرة، أما (جامع ابن جعفر) فورد ذكره أكثر من (30) مرة، و(المصنف) (150) مرة، و(الضياء) أكثر من (100) مرة، فضلاً عن الإشارات الكثيرة إلى هذه المراجع بمصطلح «الأثر» أو «آثار أصحابنا»، كما ترد اقتباسات متعددة من كتاب (الدعائم) للشيخ أحمد بن النضرالسمائلي (ق6هـ).

ومن مظاهر الاهتمام بالجانب العلمي الأموال التي كانت توقف للمدارس وللمدرسين، وفي ذلك عدد من المسائل في المنهاج.

 

  1. الجانب الاقتصادي:

أخذ موضوع المعاملات المالية جزءًا كبيراً من كتاب منهاج العدل، وأخذ النشاط الزراعي وما يتعلق به من عمل وأفلاج حيزاً كبيراً من اهتمام الناس في تلك الفترة كما تجلّى في مسائل الكتاب، وفي ذلك نلحظ أنواع المزروعات التي اشتغل الناس بزراعتها كالذرة والبُر والشعير والسكر والقت والعظلم والموز والنارنج والليمون والرمان والتين والكتّان والبطيخ، كما يرد ذكر بعض أنواع النخيل أشهرها نخلتا الفرض والبرشي.

ومما يرتبط بتلك المزروعات ذكر “البيدار” القائم على خدمة النخيل والمزروعات، و”الهنقري” وهو صاحب المال، ومن المصطلحات كذلك: الخرّاف والدّوّاس والرّقّاب والشّايف والعريف.

تجلّى في المنهاج أيضاً الاهتمام الكبير بالأفلاج وإخراجها وصيانتها وقسمة مياهها، ويرد فيه ذكر لعدد من الأفلاج كفلج ميثاء وضوت والخوبي والميسر والحمام والغنتق والضبوب.

ومما جاء في القطعة الثانية من المنهاج عن الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي: «وقد سأله محمد بن عبدالله بن أبي يمان عن فلج وجدوه بقرية بهلا من علو البلاد وكان قد عارضهم من ينسب إلى الفقه وشككه عليهم فأجابهم بإجازته وإخراجه وتمليكه لمن أخرجه دون غيره أنه قد جرى في مثل هذا في عصر الأشياخ المتقدمين وكانوا أكثر علما وأبلغ ورعا وفهما من أهل وقتنا هذا وهو قوله في فلج استخرجوه اسمه الغبري وكان ذلك في زمان الشيخ أبي القاسم بن أبي الحسن وولده عبدالله بن أبي القاسم والشيخ سعيد بن أحمد والشيخ سعيد بن محمد بن عبدالله الشجبي فاستخرجوا هذا الفلج ووجدوا مجراه منحوتا في جبل ولم يكن أحد يدعيه ولم يعرف له رب فقاموا فيه وحثوا على القيام فيه» (٢٩٩).

وورد أيضاً في القطعة الثانية «وقد عمل الشيخ أحمد بن مفرج رحمه الله وهو شيخ الإسلام في فلج الجزيين من بهلا أخرجه بنو راشد بن ورد جعلوه زيادة على فلج ضبوب وخلطوه عليه وهو قائم بعينه إلى الآن» (٣١٢)، والفلج المذكور كان قائماً إلى وقت قريب والجهود قائمة لإعادته إلى مجراه من جديد.

تضمنت القطعة الثانية أيضاً حكماً مهماً للشيخ أحمد بن مفرج في فلجي ضوت والخوبي في 22 من ذي الحجة سنة 826هـ، ومما جاء فيه: «هذا ما وقع فيه ذكر الاتفاق وترك المنازعة والشقاق بين المشايخ من جباة أهل سعال والمشايخ من جباة عقر نزوى في فلج ضوت والخوبي» (٣٠٤)، وقد حضر الحكم عدد من مشايخ بَهلا ونزوى.

ومما يتعلق بالجانب الاقتصادي الإشارة إلى النشاط التجاري الذي كانت تتمتع به (هرمز) والتي يرد ذكرها في المنهاج بـ(هرموز). من ذلك السؤال الموجه للشيخ محمد بن سليمان بن أحمد بن مفرج في القطعة الأولى: «عن الكميم التي تجلبها التجار من هرموز وهن حرير أتجوز الصلاة بهن أم لا؟» (١٦٧). يرد في القطعة الثانية كذلك ذكر وجود تاجر من هرمز كان يمارس تجارته بإزكي (٧٢). ومن الأسواق التي كان يقصدها التجار أيضاً مسقط أو مسكد وكذلك الهند.

هذا فضلاً عن شيوع عملة (الدينار الهرموزي) في تلك الفترة بشكل كبير، إلى جانب عملات أخرى هي: المحمدية واللاّرية والصّديّة والفدنة والدانق، ومن المسائل الشائعة في المنهاج والمرتبطة بالعملة هي مسائل صرف العملة وتغير أوزانها، حيث احتوت القطعة الثالثة على باب كامل لهذا النوع من المسائل.

 

  1. الجانب الصحي:

أفرد المؤلف باباً كاملاً في القطعة الأولى بعنوان: «في شيء من الطب وصفة شيء من الأدوية»، والذي ضم (11) مسألة اشتملت على علاجات لأمراض كغبرة العين وما يصيب الطحال وعويّ الأذن والقولنج والبرص، تصدرتها مسائل الشيخ محمد بن عبدالله بن مدّاد، والتي ظهر فيها معرفته واهتمامه بهذا الجانب، ويرد أيضاً اقتباس الشيخ أحمد بن مدّاد من كتاب الرحمة في وصف علاج للبرص.

ويظهر من خلال الكتاب انتشار مرض الجذام في تلك الفترة، وهو ما يشير إليه سؤال السائل في القطعة الأولى: «وعمن قال إن فعلت كذا وكذا فثيابي للفقراء أو للمرضى يعني أصحاب الجذام أيثبت عليه ذلك إن فعل؟» (٣٢٥)، فقد قصر المرض على الجذام. كما تضمنت القطعة الرابعة من الكتاب باباً كاملاً في المجذومين وأحكامهم، ومما يرد ذكره في هذا الباب مسألة للشيخ محمد بن عبدالله بن مدّاد يناقش فيها روايتين عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن المجذوم: «وذكرت أنك وجدت روايتين عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب قومنا أظنه كتاب المصابيح قال: (فر من المجذوم كما تفر من الأسد) والأخرى أنه كان متخذا ساقيا مجذوما، فأي الروايتين أصح؟ وهل تعدي العلل كلها أو بعضها؟. الجواب: أصح ذلك الفرار من المجذوم وهذه الرواية وجدتها في كتب أصحابنا بعينها ورواية أخرى: (أطعموهم على أطراف الرماح واتركوهم في مهاب الرياح) وحاشاه أن يكون متخذا ساقيا مجذوما صلى الله عليه وسلم والله أعلم» (٦٤).

تجدر الإشارة إلى أن الشيخ صالح بن عمر بن أحمد بن مفرّج كان مصاباً بهذه العلة، وقد اعتزل الناس بسبب المرض، إذ جاء عن الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي في القطعة الأولى (٤٠٩): «ومددتُ إلى بهلا فذكرتُ ذلك للعالم الصالح صالح بن عمر بن أحمد بن مفرج رضي الله عنه وكان معتزلاً في ماله من أجل علّة الجذام أعاذنا الله منها ومن النار».

 

  1. القرى والمواضع:

ارتبط ذكر القرى والمواضع في كتاب منهاج العدل بالحيز الجغرافي الذي عاش فيه علماؤه، والذي شمل بَهلا بِقُراها وحاراتها، وكذلك نزوى ومنح وإزكي، إلى جانب ذكر مدن أخرى كالرستاق ونخل.

ومما يجب التنبيه عليه هنا أن (بَهلا) لم يرد لها رَسْمٌ آخر غير هذا الرسم، فهي باللام والألف الممدودة، وكتابتها بهمزة في نهايتها هي كتابة خاطئة لا أصل لها، أما كتابتها بألف مقصورة فهي كتابة ضعيفة تفتقر إلى أصل موثوق، وأغلب كتب التراث إن لم يكن جميعها ترد فيها “بهلا” بهذا الرسم، وهي بفتح الباء كما دَرَج عليها أهلها، وفي ذلك جاء عن الشيخ عبدالله بن مبارك الربخي في كتاب “جامع الخيرات” للشيخ القصابي قوله: «أن بَهلا بفتح الباء ولام ألف ممدود وأن عامة الكتّاب يكتبون بَهْلَويًّا».

وقد أخذت بَهلا بِقُراها وحاراتها والأحداث الواقعة فيها النصيب الأوفر من الكتاب، وذلك بحكم أن المؤلف منها، ولكثرة مسائل الشيخ أحمد بن مفرّج في الكتاب، ومن المواضع التي ورد ذكرها:

  1. حارة الحداد: وهي واقعة بعلاية بَهلا مجاورة لحارة الخضراء من جهة الشرق، وبها مسجد باسمها لا يزال قائماً إلى الآن، ويرد في المنهاج ذكر المسجد وقيام الشيخ أحمد بن مفرّج فيه بالتعليم. وممن درس فيه الشيخ صالح بن وضاح المنحي.
  2. جماح: وتقع في جهة الجنوب من بَهلا، وجاء ذكرها في الكتاب على أنها كانت من الأراضي المغصوبة عن أصحابها.
  3. سيفم: وهي من القرى التابعة لبَهلا، وتقع بالقرب من الغافات، وجاء ذكرها أيضاً على أنها كانت من الأراضي المغصوبة، غير أن الشيخ أحمد بن مفرج كان يكاتب بين الناس في البيوعات في سيفم وحجته أن كل أحد أولى بما في يده ومخلف عليه.
  4. سلّوت: وهي المنطقة المعروفة بمعالمها الحضارية الضاربة في القدم، وورد أنها كانت كذلك من المدن المغصوبة.
  5. العقر: وهي حارة معروفة بسفالة بَهلا تقع جنوب شرق الحصن، وفيها مسكن مؤلف الكتاب ومكتبته، ولا يزال أغلب بنيانها الطيني قائماً إلى الآن.

كما وردت أسماء قرى ومناطق أخرى كثيرة، منها: حارات الغزيلي والخضراء والغاف والخطوة والجبل العليا وصالح والفرّاج، وهي حارات قائمة إلى يومنا هذا، ويرد كذلك ذكر أسماء أموال وبساتين لا يسع المقام لإيرادها هنا.

ومن قرى نزوى يرد ذكر عدد منها كالعقر وسعال. وفي المنهاج فصل لخصومة وقعت بين أهل الحارتين في فلجي ضوت والخوبي، وقد حكم بينهم الشيخ أحمد بن مفرّج بتاريخ 22 من ذي الحجة سنة 826هـ بمحضر عدد من علماء نزوى وبَهلا، ويرد كذلك ذكر سمد وحارة الوادي وحارة الجناة وحارة بني سعيد.

 

  1. سور بَهلا:

حظي سور بَهلا منذ بنائه إلى وقتنا هذا باهتمام كبير، فقد كان وسيلة حماية مهمة للبلد من أي عدوان، وهو اليوم معلم سياحي مهم في الولاية، حيث يمتد بطول (12) كيلومتراً.

وقد وردت نصوص كثيرة في الكتاب تتحدث عن السور وأحكامه وما يتعلق بعمارته وخدمته ضمن باب خاص ببناء السور وأحكامه في القطعة الثانية، وكانت قد جرت في بناء سور بَهلا وعمارته سُنّةٌ عند أهل البلد. وفي القطعة الثانية من المنهاج تثبيت للأموال التي تخدم السور، حيث ينقل المؤلف ثلاث كتابات بخط الشيخ عبدالله بن عمر بن زياد؛ الأولى (في معرفة السنة الإسلامية المدروكة في بناء سور بهلا الخارج المحيط بالبلاد إذا انقضت غالّة أمواله عن بناه) أي إذا لم تكفِ غلة الأموال الموقوفة للسور لخدمته وعمارته فيُصار إلى هذا التقسيم. والوثيقة الثانية نقلها الشيخ ابن زياد عن الفقيه ورد بن يمان والمتعلقة بقسمة الأطوى لسور بَهلا. والثالثة في قسمة أموال السور. وفي كل وثيقة منها تفصيل دقيق للأموال والأفلاج التي تخدم السور، إلا أنه لم يبقَ اليوم شيء من ذلك.

كما ترد أيضاً مسائل تتعلق ببناء سور منح وسور نزوى، ومما ورد في سور منح أن الشيخ صالح بن وضاح سُئل عنه فأجاب «إني كنت أفتيت قبل هذا في سور منح على أن على كل بيت بناء ما يليه من السور ثم رجعت عن ذلك إلى سُنّته المتقدمة في بنيانه» (القطعة الثانية) (٤١٠). ويعقّب الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي على جواب شيخه بالقول: «فكرتُ في قوله وجوابه في هذه المسألة، قوله الأول أنه سُئل عن سور منح فأفتى يلزم كل بيت ما يليه ومن بعد رجع، فهكذا سمعت القاضي صالح بن محمد بن عبدالرحمن أنه سمع القاضي المرحوم محمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي علي رحمهم الله تعالى يفتون بهذا القول، وكذا وجدت بخط الفقيه محمد بن سليمان بن أبي سعيد، ونذكر أن أباه الشيخ سليمان بن أبي سعيد أفتاني في حصن أهل القريتين بهذا القول، وكذلك حفظت عن الشيخ عبدالله بن مداد ألزم البناء كل من كان له في البلد بيت أو مال ولا يقصر الصلاة».

 

  1. اللغة والمصطلحات:

تميز كتاب منهاج العدل بلغته البسيطة والسهلة، واحتوى على عدد كبير من المصطلحات الدارجة في ألسن الناس في ذلك الوقت، ويستطيع أي قارئ أن يعي مسائله. ولعله من المفارقة أن تنحى كتب الفقه المعاصرة إلى التعقيد ورفع مستوى الخطاب بينما تمتاز كتب التراث بسهولة اللفظ وقرب المعنى.

ومما شاع استخدامه في مسائل الكتاب كلمتا “سهيل” و”نعش” للدلالة على الجهة، فالأولى تشير إلى جهة الشمال والثانية إلى الجنوب، وهاتان التسميتان مأخوذتان من أسماء النجوم.

وفي الجانب الزراعي يرد ذكر عدد من المصطلحات، مثل (البيدار والهنقري، الدّوّاس، الخرّاف، الرّقّاب، الهيس، المسحاة، الشراطة، الرضامة، الصافية، الجنّور، وجين الساقية، العاضد، الجامود، الأجيل، العابية، المنزفة، المجازة، الزاجرة، المنجور، العريف).

أما في المنازل وأجزائها وأدواتها وما فيها فمما يرد ذكره (الدهليز، الدعن، المحالة، المندوس، الصحلة، الطفال، البرّادة، المطهرة، جرة صيني، الكنيف، الضفر، الغيلة، الموقعة، الخرس).

ومن الألبسة والحلي يرد ذكر (المعوز، الكمّة، مكلا صيني، النطلة، الحِلَق، الكرزان، المقنعة، الشيلة، الخنبوق، الملحفة)، ويرد ذكر صبغ الملابس بالنيل والورس والبقم.

 

  1. الأحداث والوقائع:

سجّل الكتاب أحداثاً كثيرة جرت في تلك الفترة الزمنية، ويمكن اعتماد الكتاب في توثيق شيء من تاريخ حكم النباهنة. ومما ضمه الكتاب من أحداث تاريخ وفاة السلطان أبي المنصور المظفر بن سليمان بن المظفر بن سليمان بن المظفر بن نبهان والتي كانت ليلة السبت 21 من ربيع الآخر سنة 874هـ.

ومن الأحداث التي أشرنا إليها سابقاً، الحكم الذي جرى بين أهل سعال والعقر من نزوى في فلجي ضوت والخوبي، وكان ذلك في 22 من ذي الحجة سنة 826هـ، وقد فصل بينهم الشيخ أحمد بن مفرج.

وورد أيضاً في القطعة الثانية (٣٠٤) حكم آخر بين أهل الفلجين، وكان قد فصل بينهم الشيخ نجاد بن موسى بن إبراهيم المنحي سنة 488هـ، كما اشتكى أهل فلج الخوبي إلى السيد كهلان بن عمر بن نبهان من نقصان ماء فلجهم بسبب المدر والحصى الذي وضعه أهل فلج ضوت على مرفع فلجهم، فأحالهم السيد كهلان إلى الفقيه أبي الحسن بن أحمد بن أبي الحسن بن سعيد بن صالح، وذلك في سنة 997هـ.

وينقل الشيخ محمد بن علي بن عبدالباقي في القطعة الثانية (٣٥) قصة سفينة كانت متجهة إلى مكة المكرمة فغرقت قرب قريات وقد أثارت من بعد خلافاً فقهياً بشأن حكم من غرق، يقول: «سفينة طلعت من بندر مسقط قصدها مكة المشرفة وفيها من أهل عمان وغيرهم، فيها من أهل نزوى ولد عبدالله بن حسين الشريف وهو عمر بن عبدالله ورجل من بني المكحول من أهل بهلا سعيد بن صالح بن عمر بن أحمد بن مفرج ومسعود بن محمد بن سرحان بن همدان وأزهر بن عبدالله بن الأزهر وهو من أهل منح وإزكي والذين غرقوا في هذه السفينة يزيد على سبعين رجلا والله أعلم قرب القريات، فاختلف في ذلك القضاة منهم صالح بن وضاح وعبدالله بن مداد وورد بن أحمد فمال صالح أنهم موتى ومال ورد وعبدالله أنهم أحياء مفقودون».

[i] سيف بن حمود البطاشي: إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان، الطبعة الثالثة، ٢٠١٠م، مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان للشؤون الدينية والتاريخية – مسقط، ص٤٠٥.

[ii] البطاشي: المرجع السابق، ص٤٠٦.

[iii] البطاشي: المرجع السابق، ص٤٠٧. ولم أعثر حتى تاريخه على النسخة المتضمنة مقدمة الربخي للكتاب من بين النسخ العديدة التي وقفت عليها.

[iv] المرجع السابق.

[v] كافة الاستشهادات الواردة في هذا المقال من المنهاج تعتمد على الأصول التالية:

  • القطعة الأولى، برقم (١٢٣٩)، سنة النسخ: ١١٨٣هـ، الناسخ: سعيد بن محمد بن عدي العبري، محفوظة بوزارة التراث والثقافة.
  • القطعة الثانية، برقم (١٢٤٠)، سنة النسخ: ١٠٧٧هـ، الناسخ: خميس بن محمد بن قاسم الهنوي، محفوظة بوزارة التراث والثقافة.
  • القطعة الثالثة، برقم (١٢٤١)، سنة النسخ: ١٠٩٠هـ، الناسخ: سالم بن خلف بن حجي المنحي، محفوظة بوزارة التراث والثقافة.
  • القطعة الرابعة، غير مرقمة، سنة النسخ: ١٠٩٢هـ، الناسخ: خميس بن بشير بن عبدالله البرواني، محفوظة بمكتبة الشيخ سالم بن حمد الحارثي.
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *